سورة إبراهيم - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (إبراهيم)


        


{وَأُدْخِلَ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا} عطف على {برزوا} {بِإِذْنِ رَبّهِمْ} متعلق ب {أدخل} أي أدخلتهم الملائكة الجنة بإذن الله وأمره {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سلام} هو تسليم بعضهم على بعض في الجنة أو تسليم الملائكة عليهم {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلاً} أي وصفه وبينه {كَلِمَةً طَيّبَةً} نصب بمضمر أي جعل كلمة طيبة {كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ} وهو تفسير لقوله: {ضرب الله مثلاً} نحو شرف الأمير زيداً كساه حلة وحمله على فرس، أو انتصب {مثلا} ً و{كلمة} ب {ضرب} أي ضرب كلمة طيبة مثلاً يعني جعلها مثلاً ثم قال: {كشجرة طيبة} على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هي كشجرة طيبة {أَصْلُهَا ثَابِتٌ} أي في الأرض ضارب بعروقه فيها {وَفَرْعُهَا} وأعلاها ورأسها {فِي السماء} والكلمة الطيبة كلمة التوحيد أصلها تصديق بالجنان، وفرعها إقرار باللسان، وأكلها عمل الأركان، وكما أن الشجرة شجرة وإن لم تكن حاملاً فالمؤمن مؤمن وإن لم يكن عاملاً ولكن الأشجار لا تراد إلا للثمار فما أقوات النار إلا من الأشجار إذا اعتادت الإخفار في عهد الأثمار. والشجرة كل شجرة مثمرة طيبة الثمار كالنخلة وشجرة التين ونحو ذلك والجمهور على أنها النخلة، فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: «إن الله تعالى ضرب مثل المؤمن شجرة فأخبروني ما هي؟» فوقع الناس في شجر البوادي، وكنت صبياً فوقع في قلبي أنها النخلة فهبت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقولها وأنا أصغر القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إنها النخلة» فقال عمر: يا بني لو كنت قلتها لكانت أحب إلي من حمر النعم.


{تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} تعطي ثمرها كل وقت وقتها الله لإثمارها {بِإِذْنِ رَبّهَا} بتيسير خالقها وتكوينه {وَيَضْرِبُ الله الأمثال لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} لأن في ضرب الأمثال زيادة إفهام وتذكير وتصوير للمعاني.
{وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ} هي كلمة الكفر {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} هي كل شجرة لا يطيب ثمرها وفي الحديث: أنها شجرة الحنظل {اجتثت مِن فَوْقِ الأرض} استؤصلت جثتها وحقيقة الاجتثاث أخذ الجثة كلها وهو في مقابلة {أصلها ثابت} {مَا لَهَا مِن قَرَارٍ} أي استقرار يقال قر الشيء قراراً كقولك ثبت ثبوتاً، شبه بها القول الذي لا يعضد بحجة فهو داحض غير ثابت {يُثَبِّتُ الله الذين ءَامَنُواْ} أي يديمهم عليه {بالقول الثابت} هو قول: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) {في الحياة الدنيا} حتى إذا فتنوا في دينهم لم يزلوا كما ثبت الذين فتنهم أصحاب الأخدود وغير ذلك {وَفِي الآخرة} الجمهور على أن المراد به في القبر بتلقين الجواب وتمكين الصواب، فعن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر قبض روح المؤمن فقال: «ثم تعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان له من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فذلك قوله {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت} ثم يقول الملكان: عشت سعيداً ومت حميداً نم نومة العروس» {وَيُضِلُّ الله الظالمين} فلا يثبتهم على القول الثابت في مواقف الفتن وتزل أقدامهم أول شيء وهم في الآخرة أضل وأزل {وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَاء} فلا اعتراض عليه في تثبيت المؤمنين وإضلال الظالمين.


{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين بَدَّلُواْ نِعْمَتَ الله} أي شكر نعمة الله {كُفْراً} لأن شكرها الذي وجب عليهم وضعوا مكانه كفراً، فكأنهم غيروا الشكر إلى الكفر وبدلوه تبديلاً وهم أهل مكة، كرمهم بمحمد عليه السلام فكفروا نعمة الله بدل ما لزمهم من الشكر {وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ} الذين تابعوهم على الكفر {دَارَ البوار} دار الهلاك {جَهَنَّمَ} عطف بيان {يَصْلَوْنَهَا} يدخلونها {وَبِئْسَ القرار} وبئس المقر جهنم {وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَادًا} أمثالا في العبادة أو في التسمية {لّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ} وبفتح الياء: مكي وأبو عمرو {قُلْ تَمَتَّعُواْ} في الدنيا والمراد به الخذلان والتخلية. وقال ذو النون: التمتع أن يقضي العبد ما استطاع من شهوته {فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النار} مرجعكم إليها.
{قُل لّعِبَادِيَ الذين ءَامَنُواْ} خصهم بالإضافة إليه تشريفاً. وبسكون الياء شامي وحمزة وعلي والأعشى {يُقِيمُواْ الصلاة وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} المقول محذوف لأن {قل} تقتضي مقولاً وهو أقيموا وتقديره: قل لهم أقيموا الصلاة وأنفقوا يقيموا الصلاة وينفقوا. وقيل إنه أمر وهو المقول والتقدير ليقيموا ولينفقوا، فحذف اللام لدلالة قل عليه، ولو قيل يقيموا الصلاة وينفقوا ابتداء بحذف اللام لم يجز {سِرّاً وَعَلاَنِيَةً} انتصبا على الحال أي ذوي سر وعلانية يعني مسرين ومعلنين، أو على الظرف أي وقتي سر وعلانية، أو على المصدر أي إنفاق سر وإنفاق علانية، والمعنى إخفاء التطوع وإعلان الواجب {مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خلال} أي لا انتفاع فيه بمبايعة ولا مخالة والخلال المخالة، وإنما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله. بفتحهما: مكي وبصري، والباقون بالرفع والتنوين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7